01 December 2008

سيكولوجية ذوى الاحتياجات الخاصة.. هيلين كلير نموذجا ناجحا .. وسبل إيجاده فى مجتمعنا

: مقدمة

كان الطبيب الشاب يوشك على الانصراف حينما دخل عليه شخص يحمل بين الحياة والموت ليكتشف الطبيب بعد ذلك أن الطفل لم يرى نور الشمس منذ ميلاده وأن أسرته كانت تخفيه عن الناس لأنه عار بالنسبة لها أن يكون أحد أطفالها من ذوى الاحتياجات الخاصة. مازالت هذه القصة تتكرر كل يوم بسبب انتشار الجهل وقلة الوعى بين الناس ولكن هاهى هيلين كلير، نموذج ينير العقل قبل القلب، هاهى تثبت لكل البشر أن رضا النفس هو طريقها إلى الكمال والنجاح، وأن كمال الأعضاء مجرد عامل مساعد وليس الأساس.

مفهوم ذوى الاحتياجات الخاصة

تعددت المصطلحات والتسميات المستخدمة فى الإشارة إلى هؤلاء الأفراد تعدداً أدى فى معظم الأحيان إلى التداخل والالتباس، ومن بين هذه التسميات المتداولة بين الناس " المعوقين " و" أصحاب العاهات " و"الخرس " و" العميان ". وقد أدى إطلاق هذه التسميات وشيوعها إلى آثار سلبية وخيمة؛ أبرزها تلك الوصمة الاجتماعية لهؤلاء الأفراد بالقصور والعجز. ولهذه الأسباب ولغيرها اتجه الباحثون والعلماء إلى استخدام مصطلحات بديلة منها: غير العاديين - الفئات الخاصة - ذوو الاحتياجات الخاصة.

تعريف ذوى الاحتياجات الخاصة

هم أولئك الأفراد الذين ينحرفون عن المستوى العادى أو المتوسط فى خصيصة ما أو أكثر أو فى جانب ما أو أكثر من جانب من جوانب الشخصية.

هيلين كلير .. نموذجا
فى 27 يونية 1880 ولدت هيلين كلير بولاية ألاباما بالولايات المتحدة وفى عمر 19 شهر أصيبت بمرض أفقدها السمع والبصر ومن ثم النطق، وظلت حتى الـ 7 من عمرها تتصرف بطريقة شاذة بسبب عدم تواصلها مع العالم من حولها. حيث كانت تدمر كل شئ حولها فى نوبات الغضب التى كانت تمتلكها بسبب غربتها عن العالم وإحباطها منه حتى استطاعت أسرتها أن تأتي بمدرسة من إحدى مؤسسات المكفوفين وهى الآنسة " أن سوليفان " لتتواصل معها - بعد عناء - عن طريق أبجدية الأيدى


أبجدية الأيدى

هلين كلير مع جرهام بل الذى كان يمد يد العون لها بأختراعته

حروف برايل


.. ومنذ تلك اللحظة العبقرية مضت هيلين كلير - وبكل شغف وشوق السجين الذى يتوق إلى الحرية - تسأل عن كل شئ تلمسه أصابعها الصغيرة لتمضى فى طريقها حتى تتعلم النطق كبقية البشر ولكنها لم تكتفى بتعلم لغتها الأصلية وهى الإنجليزية ولكنها ثابرت حتى التحقت بكلية راد كليف بجامعة هارفارد وتعلمت إلى جانب الإنجليزية الفرنسية والألمانية واللاتينية وأساسيات اليونانية لتثبت للعالم أجمع أن إرادة البشر أقوى من الصخر ونظراً لكون هيلين كلير أول شخص كفيف أصم يتلقى تعليماً كاملاً - حتى المرحلة الجامعية - فقد اعتبرت أكثر من مجرد فرد من البشر إذ اعتبرت حدثاً تعليمياً وكان العالم كله فى تلك الفترة يقرأ أخبار تعليمها بكل شغف وتخرجت هيلين كلير فى كلية راد كليف عام 1904 بمرتبة الشرف لتتفرغ للعمل الخيرى بجمع التبرعات لعلاج فاقدى نعمتى السمع والبصر وفى عام 1968 صعدت روح هيلين كلير إلى خالقها ونعتها جميع صحف العالم ومن بينها جريدة الأهرام القاهرية

لتترك للبشر كلمات خالدة فى مذكراتها مجملها " لا يوجد شئ اسمه .. مستحيل " هيلين كلير



تحليل ظروف هيلين كلير

يقصد بتقبل الذات هو أن يقبل الإنسان ذاته على ما هى عليه وفى حالة هيلين كان شعور رفضها لذاتها هو المسيطر عليها لعدة أسباب منها شعورها بالنقص وعدم تواصلها مع العالم من حولها مما كان يجعلها تشعر أنها مجرد كائن ليس له أى قيمة وكان هذا الشعور يظهر واضحا فى نوابات الغضب التى كانت تنتابها لتدمر كل ما حولها غير أن هذا الشعور ما لبس أن تحول إلى قبول الذات بعد أن استطاعت أن تكتشف قواها الكامنة فى ذاتها عن طريق معلمتها ودعم أسرتها لها غير أن دافعيتها كانت أيضا تنبع من إحساسها بالنقص، ولغوياً يقال: نقص نقصانا بمعنى خس وقل، ويقال نقص عقله أى ضعف، واصطلاحياً النقص أو مركب الدونية، هو حالة عصبية تنجم عن شعور الشخص بقصوره الحقيقي أو الوهمي مقارنة مع من حوله من الأشخاص الذين يعيش بينهم، سواء في المنزل أو المدرسة أو العمل. وفى حالتنا هذه استطعت هيلين أن تخرج من هذا الإطار العازل الذى يقضى على قدرات الفرد.



سبل إيجاد نماذج ناجحة من ذوى الاحتياجات الخاصة



دور المؤسسات الدينية

لا شك أن عامل الدين يعد من أقوى أعمدة الشخصية وخاصة فى حالات الفئات الخاصة وقد أوضحت دراسة " نوعية الحياة الأمريكية أن 38% يرون أهمية شديدة للاعتقاد الدينى القوى بينما رأى 22% أن التدين مهم جدا للشعور بالرضا وعلى ذلك فإن نشر المفاهيم والقيم الدينية يعود بشكل قوى على نفسية الفرد وعلى أسرته التى تتقبل طفلها بقوة مما يساعده على تخطى صعوبات الحياة إضافة إلى تقبل المجتمع الذى يعد من أكثر العقابات التى تقف طريق الفرد

الرأى العام

يجب حث الرأى العام على احترام هؤلاء الأطفال واستيعابهم فى المجتمع والتعامل معهم كأى طفل عادى حتى يستطيعوا أداء دورهم فى المجتمع بعيداً عن أى إيذاء فلا يزال حتى اليوم هناك من يطلق على هؤلاء الأفراد كلمات جارحة إضافة إلى أفعال مشينة تهدم ولا تبنى تضر ولا تنفع

دور الدولة


إن دور الدولة لا يقل أهمية عن دور الأسرة أو دور المجتمع حيث يجب إظهار الدعم المادى والمعنوى لهم كما يحدث فى جميع دول العالم المتحضر ويكون هذا الدعم

بـ : أ - إصدار القوانين واللوائح التى تيسر لهم حياتهم

ب - إنشاء مدارس متخصصة لرعاية هذه الفئات بالقدر الذى يتناسب مع أعدادهم

ج - إعداد البرامج والمناهج التربوية المناسبة لقدرات هؤلاء الأفراد

د - العمل على زيادة المتخصصين من علماء ومحاضريين وأطباء من أصحاب الكفاءة العالية

ه - تخصيص الميزانيات المناسبة للبحث العلمى

و - توفير الأجهزة والأدوات العلمية الحديثة التى تساعدهم على التكيف مع ظروف المجتمع هذا وبالله التوفيق

المراجع أبجديا

أ - التعامل مع الذات - د.بشير صالح الرشيدي - جامعة الكويت - الطبعة الأولى 1995
ب - سيكولوجية الفئات الخاصة - د.خليل ميخائيل - مركز الإسكندرية للكتاب - الطبعة الثالثة 2008
ج - سيكولوجية ذوى الأحتياجات الخاصة وتربتهم - د.عبدالمطلب أمين القريطى - دار الفكر العربى - القاهرة 1996
د - سيكولوجية السعادة - تأليف مايكل أر جايل - ترجمة فيصل عبدالقادر يونس - مراجعة شوقى جلال - سلسلة عالم المعرفة - العدد 175 - الكويت
ه - قصة حياتى العجيبة - هيلين كلير

No comments: